أخبار العرب والعالم

السفير انريكيث لـ الشرق: العلاقات القطرية الكوبية نموذج قائم على الاحترام والصداقة

عربي ودولي

34

عملت ثلاث فترات بالدوحة ونشأ ارتباط استثنائي بيني وبينها..

21 أكتوبر 2025 , 06:57ص

alsharq

انريكي انريكيث، سفير جمهورية كوبا لدى الدولة

❖ عواطف بن علي

– عايشت عن قرب جميع مراحل تطوّر دولة قطر الحديثة


– الدوحة شهدت تحولات مذهلة على كافة المستويات


– قطر بلدٌ له مكانة خاصة في قلبي وأحتفظ بعلاقات وذكريات لا تنسى


– لا أنسى الزيارة التاريخية للزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو إلى قطر


– فرص واعدة لتوسيع التعاون في الصحة والتكنولوجيا الحيوية


– نُشيد بجهود قطر في الوساطة الإقليمية ودورها في دعم السلام


– نرفض العدوان الإسرائيلي على قطر وندعم سيادتها


– مستشفيا دخان وعائشة.. رمزان للتعاون الطبي الثنائي


– نتطلع لرحلات جوية مباشرة لتعزيز السياحة بين الدوحة وهافانا


– نثمّن دعم قطر المستمر في الأمم المتحدة


يملك سعادة السيد انريكي انريكيث سفير جمهورية كوبا لدى الدولة تجربة دبلوماسية فريدة تُجسّد ارتباطًا استثنائيًا بالدوحة، ليس فقط بحكم موقعه الرسمي، بل بحكم ما راكمه من معرفة عميقة بالعلاقات الثنائية وتحولاتها. فقد عمل في الدوحة كدبلوماسي في التسعينيات، ثم سفيرًا بين عامي 2002 و2007، وها هو يعود مجددًا كسفير مفوض فوق العادة لبلاده بدولة قطر، مما يجعله شاهدًا نادرًا على مسيرة تطور الدولة القطرية الحديثة. 


وشهد سعادة السفير بنفسه لحظات فارقة في تاريخ العلاقات بين كوبا وقطر، من أبرزها حضوره اللقاء التاريخي بين الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عام 2001، خلال أول زيارة كوبية رسمية لمنطقة الخليج. كما عايش تطورات البنية التحتية والاقتصادية والثقافية في قطر عن قرب، وعبّر عن إعجابه بهذا النمو المذهل، واعتزازه بالصداقة التي تربطه بالشعب القطري.


في حوار خاص لـ «الشرق»، أكد سعادة السفير دعمه العميق لتطوير العلاقات الثنائية، ورغبته في توسيع مجالات التعاون، لاسيما في قطاعات الصحة، والسياحة، والاستثمار، والتكنولوجيا الحيوية. كما أشاد بالعلاقات الأخوية بين البلدين، والتي تستند إلى تاريخ طويل من الاحترام المتبادل والمواقف المشتركة في المحافل الدولية، وعلى رأسها الموقف من حق الشعوب في تقرير مصيرها.  


وإليكم تفاصيل الحوار. 



◄ سعادة السفير، تربطكم بالدوحة علاقة دبلوماسية طويلة واستثنائية، فقد عملتم فيها أولاً كدبلوماسي، ثم عُينتم سفيرًا، وها أنتم اليوم تعودون إليها مرة. كيف عايشتم التحولات التي شهدتها دولة قطر ؟


 زيارتي الأولى إلى الدوحة كانت في عام 1994، حين رافقت وزير خارجية كوبا آنذاك للمشاركة في احتفال افتتاح سفارة كوبا لدى دولة قطر، وكانت تلك أول مرة أزور فيها هذا البلد الجميل. وبعد ذلك بعامين، وتحديدًا من عام 1996 حتى 1998، عملت كدبلوماسي في السفارة الكوبية بالدوحة. ثم عدت مرة أخرى، وهذه المرة كسفير فوق العادة ومفوض لدى دولة قطر، من عام 2002 إلى 2007 وهذه المرة الثالث لي كسفير في الدوحة.


من الذكريات العزيزة جدًا على قلبي مشاركتي في الحدث التاريخي الذي تمثّل في الزيارة الوحيدة للزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو إلى منطقة الخليج، والتي قام بها إلى قطر في عام 2001، حيث حضرت اللقاء التاريخي بينه وبين صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وقمت بترجمة عدد من اللقاءات الرسمية بين الجانبين.


وفي 23 نوفمبر 2015، سعدنا أيضًا بزيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى كوبا، وهي زيارة تاريخية أخرى في سجل العلاقات الثنائية.


وأعتقد أنني من بين القلائل –وربما السفير الوحيد المقيم حاليًا في الدوحة– الذي عايش عن قرب جميع مراحل تطوّر دولة قطر الحديثة. لقد شهدتُ تحولات مذهلة على كافة المستويات: من البنية التحتية، إلى الاقتصاد، والسياحة، والأنشطة الرياضية والثقافية. وأنا سعيد جدًا برؤية هذا التقدّم الكبير، لأن قطر بلدٌ له مكانة خاصة في قلبي، بفضل صداقاته العميقة، وعلاقاته القوية، وذكرياته الدافئة، إضافة إلى كرم شعبه وطيب استقباله، وهو ما أحتفظ به بكل فخر وامتنان.


◄ كيف تقيّمون مستوى العلاقات الثنائية بين جمهورية كوبا ودولة قطر ؟ 


 تتشارك كوبا وقطر في مصالح مشتركة في قضايا الأجندة الدولية، مع تركيز خاص على كل ما يعزز احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، والسلام، والأمن الدوليين.


لا بد لي من الإشارة إلى جانب مهم يُعد شرطًا أساسيًا لتطوير علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، ألا وهو التعاون ومشاعر الصداقة على المستوى الشخصي، والتي تسود بين الكوبيين والقطريين. وهذه تجربة جميلة نعيشها نحن الكوبيين يوميًا في قطر. بعد شهرين، سنحتفل بالذكرى السادسة والثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين كوبا وقطر.


شهدت العلاقات بين البلدين العديد من الأحداث والمحطات المهمة، لكنني أرغب في هذا السياق في تسليط الضوء على الدور البارز الذي قام به القائد الأعلى فيديل كاسترو، وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، واللذان – بحكمتهما المتبادلة وتفاهمهما الشخصي العميق – أسّسا من خلال الزيارات الرسمية والخاصة المتبادلة بين الجانبين، الأسس المتينة لتطوير علاقات الصداقة والتعاون التي تجمع بين دولة قطر وكوبا اليوم.


ومن ثمار هذه الجهود المشتركة، نذكر المستشفى الكوبي في دخان الذي تم افتتاحه في يناير 2012، وأيضًا مستشفى عائشة بنت حمد العطية في نوفمبر 2022، حيث يعمل مئات المهنيين الكوبيين الذين يقدمون خدمات طبية عالية الجودة لعدد متزايد من المواطنين القطريين والمقيمين وأعضاء السلك الدبلوماسي. ويُعد المستشفى الكوبي جوهرة التعاون بين البلدين، وقد أصبح مركزًا طبيًا مرجعيًا في منطقة الخليج، حيث حصل على عدة جوائز من مؤسسات دولية مرموقة تقديرًا لتميّزه الطبي.


    – تطوير التعاون 


◄ ما هي أبرز مجالات التعاون القائمة حالياً بين البلدين؟ وماهي آفاق تطويرها ؟


 يُعتبر قطاع الصحة، الذي يحظى بأولوية كبيرة في خطط التنمية الاجتماعية للحكومة القطرية، أحد المجالات التي يجب أن تستمر في النمو بشكل كبير في التعاون بين كوبا وقطر، استنادًا إلى الاتفاق الإطاري الموقع بين حكومتي البلدين، واتفاق تقديم الخدمات الموقع بين الشركة الكوبية لتسويق الخدمات الطبية ومؤسسة حمد الطبية.


وبالإضافة إلى تقديم خدمات طبية عالية الجودة، فإن المستوى العلمي المتقدم الذي حققته كوبا في مجال التكنولوجيا الحيوية وغيرها من التخصصات المرتبطة بالصحة، يفتح آفاقًا واسعة لمواصلة التقدم، سواء من خلال تسويق وتطبيق المنتجات الفريدة من نوعها التي تصنعها كوبا، أو من خلال تنفيذ مشاريع علمية مشتركة وتطوير أدوية جديدة لصالح الشعبين والمنطقتين.


◄ وماذا عن التبادل التجاري بين البلدين؟ تشير الأرقام إلى أنه لا يزال دون مستوى الطموحات؟


 على الصعيد الاقتصادي والمالي والتجاري، فقد أُحرز بعض التقدم، على الرغم من أننا لا يمكن أن نكون راضين تمامًا عن النتائج الحالية. يجري العمل حاليًا على الترويج لفرص الشراكة في مجالات مثل السياحة، والعقارات، والتمويل، والنقل، والزراعة، والطاقة المتجددة، وغيرها.


◄ ما أبرز القطاعات التي ترون فيها فرصًا واعدة بين الدوحة وهافانا؟ 


 توجد في الوقت الراهن آفاق واعدة جدًا لتطوير علاقات اقتصادية وتجارية ومالية ذات منفعة متبادلة. كما أن كوبا تعد وجهة سياحية جذابة في منطقة الكاريبي، بفضل طبيعتها الخلابة وشواطئها الجميلة، وتنوع أنشطتها البحرية، إلى جانب تراثها التاريخي والثقافي الغني، في أجواء من الاستقرار السياسي والأمن الكامل.


إضافة إلى التسهيلات التي تقدمها الحكومة الكوبية لجذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية لدعم خطط التنمية الاقتصادية، هناك ميزة إضافية تتمثل في توفر قوة عاملة عالية الكفاءة، إلى جانب الضيافة المعروفة التي يتميز بها الشعب الكوبي، في مناخ من الاستقرار والأمان التام.


وفي هذا الصدد، ظلت سفارتنا في الدوحة على تواصل مع الجهات القطرية المعنية، بما في ذلك غرفة تجارة وصناعة قطر، حيث تلقى مسؤولوها معلومات مباشرة خلال مشاركاتهم المتكررة في معارض هافانا التجارية.


    – آفاق التعاون 


◄ ما الجهود المبذولة لتعريف المجتمع القطري بالثقافة الكوبية وتعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين؟ 


 هناك إمكانيات كبيرة لتبادل ثنائي في مجالات الرياضة والتعليم والثقافة، مما يعود بالنفع المتبادل على الطرفين. فعلى سبيل المثال، استمتع الجمهور القطري هذا العام بأداء فرقة موسيقية كوبية شاركت في مهرجان أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي الثقافي الذي نظمته كتارا في أبريل الماضي، ومؤخرًا، أقيم معرض رائع لفنان تشكيلي كوبي عبّر من خلاله عن عمق العلاقات بين البلدين وروح التقارب الإنساني عبر لغة الفن.


◄ ماذا عن التعاون في مجال السياحة؟ وهل هناك خطط مستقبلية لتعزيز هذا القطاع الحيوي ؟


 تُعد كوبا من الوجهات السياحية الجاذبة على مستوى العالم، لما تتميز به من طبيعة خلابة، وتنوع ثقافي غني، فضلاً عن الضيافة الكوبية المعروفة. وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة اهتماماً متزايداً من السياح القطريين بزيارة كوبا، وهو أمر يسعدنا كثيراً.


نأمل أن يتم مستقبلاً تسيير رحلات مباشرة بين الدوحة وهافانا عبر الخطوط الجوية القطرية، ما سيسهم بشكل كبير في تسهيل السفر وتعزيز الروابط السياحية بين البلدين. ولا تقتصر الفائدة على المواطنين القطريين والمقيمين في قطر، بل تشمل أيضاً السياح من دول المنطقة المجاورة، الذين يمكنهم الاستفادة من الدوحة كمركز عبور رئيسي نحو كوبا، دون الحاجة إلى التوقف في مدن أوروبية أو في إسطنبول. وفي إطار جهود الترويج للمنتج السياحي الكوبي، ستشارك كوبا في معرض قطر للسفر في نوفمبر 2025.


    – نثمن الوساطة القطرية 


◄ ما هو موقف كوبا من الحرب على غزة ؟ 


 فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، هناك العديد من الأمثلة التي تؤكد الموقف الكوبي الرافض بشكل قاطع للإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. ولا يمكن تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط إلا من خلال حل الدولتين، الذي يضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة ضمن حدود ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أن تحظى باعتراف كامل من الأمم المتحدة.


◄ كيف تجدون جهود الوساطة القطرية لوقف اطلاق النار في غزة وفي حل النزاعات؟ 


 أولاً تُدين كوبا بأشد العبارات الهجوم غير المقبول الذي شنه كيان الاحتلال الإسرائيلي على الدوحة في 9 سبتمبر الماضي، والذي يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولسيادة دولة قطر، كما يُشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار الإقليميين. كما تُعرب كوبا عن تضامنها الكامل مع سمو أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومع الشعب القطري الشقيق، الذي تربطنا به أواصر الصداقة والتعاون المتينة، والذي كان ضحية هذا العدوان الإسرائيلي.


 وطبعا نرحب بجهود الوساطة التي تبذلها قطر لإنهاء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة ونعترف بمساهمتها الفعالة في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة في عدد من القضايا.


◄ مازالت كوبا تعيش تحت وطأة الحصار الأمريكي، هل هناك امكانية لحل الخلافات القائمة مع الرئيس ترامب؟ 


 بطبيعة الحال، نأمل أن يُرفع هذا الحصار في أقرب وقت، لكن الواقع يشير إلى أنه لا توجد حتى الآن مؤشرات جدية لحل هذه الإشكالية. وعلى الرغم من أن التحديات التي يواجهها الشعب الكوبي لا تعود حصرياً إلى الحصار الأمريكي وتأثيراته التراكمية، فإن إنكار أن هذه السياسة تمثّل العائق الرئيسي أمام تنمية البلاد، أو الادعاء بأن هذه المشكلات كانت ستظل قائمة حتى في غياب الحصار، هو ببساطة تجاهلٌ للواقع.


ليس هناك قطاع واحد من الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية في كوبا يَسلم من آثار الحصار. فالغالبية العظمى من أبناء الشعب الكوبي وُلدوا وعاشوا تحت وطأة هذا الحصار الإجرامي المستمر، الذي يؤثر بشكل مباشر على رفاههم وجودة حياتهم وحقوقهم الأساسية.


لقد دعمت كوبا تاريخيًا في المحافل الدولية القضايا العربية والإسلامية، ومن جانبها، تصوّت قطر كل عام لصالح القرار الذي تقدمه كوبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا.


يحظى هذا القرار بدعم شبه إجماعي من أعضاء الأمم المتحدة. إن المطالبة برفع الحصار بشكل غير مشروط أصبحت مطلباً شبه عالمي. ومع ذلك، لا تزال الحكومة الأمريكية متمسكة بتطبيق هذه السياسة القاسية وغير القانونية. نُعرب عن تقديرنا وامتناننا للدعم الدائم، وشبه الإجماعي، من قِبل المجتمع الدولي لجهود كوبا الرامية إلى إنهاء الحصار. ولقد وقفت الحكومة القطرية إلى جانب بلدي في هذا المسعى، وأنا ممتن لها بشدة.

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى