الدوحة.. عندما يتعانق الدم القطري مع الفلسطيني

عربي ودولي
320
انعكاس صادق لما تمثله القضية الفلسطينية لأهل قطر..
دم فلسطيني وتراب قطري ونسيج علاقة موقعة بالدم
❖ رام الله – محمـد الرنتيسي
كان الفلسطينيون يطالعون شلال الدم المتدفق على أرض غزة، بفعل العدوان الإسرائيلي، عندما باغتهم نزف آخر على أرض قطر، في تأكيد واضح على أنه ليس من دم يمتزج بقوة مع تراب عربي كدم رجال فلسطين مع ثرى الدوحة، فلا التاريخ ولا الجغرافيا يسمحان بالانسحاب من وحدة الدم، والتي ليس بعدها إلا نبوءة التحرير لأرض فلسطين ومقدساتها، وهذا جزء من عقيدة الفلسطينيين الدينية والسياسية والإجتماعية.
وفي حضرة قصص كثيرة وحكايات مترامية الأطراف لشهداء فلسطينيين انغرسوا في الأرض العربية، كي يكون أهلها زاد التحرير ورجاله، تستلقي كوكبة من شهداء فلسطين، في ثرى الدوحة، حيث نقشت أسماء مواكب الخالدين، ربما بترتيب سماوي وقرار رباني، أن تكون رقدتهم الأبدية في أرض عربية قطرية، لتبقى علاقة الفلسطينيين مع أهل قطر معمدة بالدم الأحمر القاني عبرالتاريخ، وهذا قدرهما، قبل أن يكون قراراً لهما.
وستظل أضرحة الشهداء شواهد حية على بطولة فريدة ونادرة، لدوحة الخير التي آوتهم عندما لم يجدوا مأوى، واحتضنهم ترابها الطهور عندما ضاقت عليهم الأرض العربية على رحابتها، ولكي تبقى علاقة رجال المقاومة الفلسطينيين وإخوانهم القطريين، علاقة لا فكاك منها ولا فرار، بفعل التاريخ الذي يشهد على دعم قطري لا محدود لأهلهم في فلسطين، ولأن المستقبل لن يرتسم إلا عبر أرض عربية وفية، وبهذا فإن القدر هو من يقرر، لا الأهواء والأمزجة والعواطف.
لقد امتزجت دماء الشهيد القطري العريف بدر الدوسري، مع دماء 5 فلسطينيين، استشهدوا إثر العدوان الإسرائيلي الآثم والغادر على الدوحة، فحضرت قطر عندما غاب آخرون، وناصرت الحق الفلسطيني عندما تخلف كثيرون، ما يفسر الحالة، إذ لم يكن عبثاً ولا عابراً أن يدفن الشهداء الفلسطينيون في أرض قطر، التي ستظل شاهدة على صراع طويل مرير بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال الغاشم. وفق مراقبين، فعلاقة الدم القطري الفلسطيني غير قابلة للتحليل السياسي أو التأويل التاريخي، بل هي قصة شهداء أطهار، موقّعة بالدم في الأرض والسماء العربية، لأجل قضية العرب والمسلمين الأولى، والتي يمتزج فيها الدم الفلسطيني مع التراب القطري، كي تكون أصلب بكثير من ظن البعض، بأن المقامرة بها أمر سهل أو ممكن.
والأمر كذلك، فلسان حال الشعب الفلسطيني يقول: إن كان من شركاء للفلسطينيين في التصدي لعدوان كيان الاحتلال المستمر على قطاع غزة منذ عامين، فهم القطريون حصراً وتحديداً، فقد نذرهم الله ليوم عظيم، يتعانق فيه ترابهم الطاهر مع دماء الفلسطينيين والشهداء الغرّ الميامين.
مردّ ذلك، مشاهد الوداع المهيبة لشهداء العدوان الجائر، التي تحولت إلى مناسبة وطنية وتظاهرة عربية، تمتد بالرفض والمقاومة لجبروت الكيان وصلفه.
ويرى الفلسطينيون في صور الحشود الهائلة والهادرة التي شيعت شهداء العدوان، انعكاساً صادقاً لما تمثله القضية الفلسطينية بوجه عام، عند الأهل في قطر، وهو ما ظهر جلياً من خلال مشاهد الحزن العميق الممزوج بالفخر والاعتزاز، في وحدة الدم والمصير، التي ظهرت تجلياتها بأبهى صورة، على الأرض القطرية، وتردد صداها في الأرجاء الفلسطينية.
مساحة إعلانية