الصحافة الدولية تحذّر من تداعيات الهجوم على الدوحة

عربي ودولي
238
يجب على الدول الإقليمية اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة ضد إسرائيل..
❖ الدوحة – الشرق
أثار الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة موجة واسعة من الإدانات في الصحافة الدولية، وسط تحذيرات من أنه لا يشكل مجرد انتهاك للسيادة، بل يمثل تحولا خطيرا في قواعد الاشتباك في المنطقة، وقد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الفوضى الإقليمية. واعتبر موقع «ميدل إيست آي» أن الضربة الإسرائيلية جاءت في سياق حملة عسكرية موسعة أطلقتها إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة، تجاوزت غزة لتصل إلى لبنان وسوريا وتونس واليمن، وصولا إلى الأراضي القطرية. ووصفت الصحيفة هذا التصعيد بأنه جزء من إستراتيجية إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى إضعاف الدول ذات السيادة وإعادة تشكيل النظام الإقليمي باستخدام القوة. كما أجمعت التحليلات الدولية على أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة كان أكثر من مجرد عمل عسكري، بل يشكل تحولًا خطيرًا في قواعد الاشتباك الإقليمي. ويبدو أن إسرائيل اختارت ضرب الدبلوماسية في مقتل، في وقت كانت فيه المفاوضات قد وصلت إلى مرحلة متقدمة بوساطة قطرية وبرعاية أمريكية.
– إستراتيجية عنف
وقال موقع «ميدل إيست آي»: «هذه الهجمات لا يمكن اعتبارها أحداثًا معزولة، بل تندرج ضمن إستراتيجية متعمدة تهدف إلى إضعاف الدول ذات السيادة وزعزعة استقرار المنطقة. وتذكّر هذه التحركات بالتداعيات التي أعقبت نكبة عام 1948، في مشهد يعكس استعدادًا لمرحلة جديدة من الفوضى الإقليمية، يُراد من خلالها الحفاظ على المشروع الصهيوني».
وأضاف: يمكن فهم أبعاد هذا الهجوم من خلال أربع زوايا رئيسية تعبّر عن حجم التحديات التي تواجه صناع القرار، خصوصًا في منطقة الخليج.
وقالت الصحيفة: أولًا، الهجمات الإسرائيلية الأخيرة توجّه رسالة واضحة مفادها أن لا دولة في المنطقة في مأمن من الاستهداف. فامتداد العمليات يفتح الباب أمام سابقة خطيرة تنتهك مبدأ السيادة الوطنية. فالضربة على قطر لم تكن مجرد استهداف لأراضيها، بل تمثل تحولًا إستراتيجيًا يؤسس لمرحلة يُستخدم فيها التخويف والقوة كأدوات لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية في المنطقة.
وواقع أن هذه العمليات امتدت إلى سبع دول خلال فترة قصيرة يؤكد أنها ليست إجراءات دفاعية، بل خطوات محسوبة لفرض واقع جديد يقوم على الهيمنة بالقوة. وإذا لم يتم التصدي لهذا المسار، فسيتم تطبيع العدوان العابر للحدود، وسيشجع ذلك دولًا أخرى على التخلي عن التزاماتها بضبط النفس، مما يسرّع من انهيار المعايير التي حدّت، لعقود، من اتساع رقعة الحروب الإقليمية.
ثانيًا، تظل الولايات المتحدة في صلب هذه الأزمة. تؤكد هذه التطورات أن الردود الخطابية لم تعد كافية، وأن مجلس التعاون الخليجي بات في مواجهة اختبار حاسم لقدراته الأمنية الجماعية. ثالثًا، إن مجلس التعاون الخليجي يواجه اليوم تحديًا وجوديًا. فإذا كانت دولة مؤسسة مثل قطر عرضة لهجوم دون أي رد أو تبعات، فإن المنظومة الأمنية الخليجية تفقد معناها الفعلي.
رابعًا، لا بد من أن تُدرك جامعة الدول العربية أن هذه الهجمات ليست أحداثًا معزولة، بل جزء من خطة أشمل تستهدف تقويض سيادة الدول العربية والإسلامية. إن التشرذم والتردد لن يؤديا سوى إلى تشجيع مزيد من العدوان. وبالتالي، يجب على الدول الإقليمية اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لحماية أراضيها ومواطنيها، خاصة في ظل التصريحات الإسرائيلية العلنية بنيّة التصعيد.
– استهداف الوساطة
وفي تحليل للباحث أندريس كريج، أكد أن الضربة الإسرائيلية أصابت حرفيا عملية الوساطة الجارية، إذ استهدفت اجتماعا في الدوحة كان يناقش مقترحا لوقف إطلاق النار برعاية أمريكية. واعتبر كريج أن الضربة لم تكن فقط عملا عسكريا متهورا، بل محاولة متعمدة لتقويض الدبلوماسية الخليجية، وخاصة الجهود القطرية التي بذلت طوال الشهور الماضية.
وأكد كريج أن نتنياهو أظهر مجددا أنه لا يسعى إلى التهدئة، حتى وإن كان ذلك على حساب حلفاء الولايات المتحدة. لكنه أشار إلى أن حجم الإدانة الدولية الواسعة للضربة يظهر أن جهود الوساطة القطرية لا تزال تحظى بثقة كبيرة من المجتمع الدولي.
من جهتها، رأت مجلة «مودرن دبلوماسي» أن الهجوم الإسرائيلي، وإن كاد أن يقوض قنوات التفاوض، إلا أنه أعاد التأكيد على أهمية الدور القطري في أي تسوية ممكنة. وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سارع إلى احتواء الأزمة عبر لقاء جمعه بمسؤولين قطريين في نيويورك، وهو ما يعكس إدراك واشنطن لأهمية الحفاظ على العلاقة مع الدوحة كوسيط أساسي لا يمكن تجاوزه.
مساحة إعلانية