الضفة الغربية.. تعطيش وتهميش

عربي ودولي
248
❖ رام الله – محمـد الرنتيسي
ليست غزة وحدها تكابد العطش، الضفة الغربية أيضاً تهيم عطشاً، بعد أن سيطر المستوطنون على نبع عين سامية شرق رام الله، وأتلفوا مضخات ضخمة توفر المياه لنحو 30 قرية فلسطينية، وشرعوا بتحويل المياه إلى بركة قريبة صادروها عنوة.
ولا ينفك المستوطنون عن محاولات تعطيش الفلسطينيين في قرى الضفة الغربية، عبر استهداف مضخات المياه، إذ لم يقتصر عبثهم وتخريبهم على محطة عين سامية، الواقعة قرب قرية كفر مالك، التي تكررت فيها اعتداءات المستوطنين في الآونة الأخيرة، فقد طالت حملتهم على مياه الضفة الغربية، شلالات العوجا شمال أريحا في الأغوار الفلسطينية، وآبار مياه قرب قرية كيسان شرق بيت لحم، وعيون الماء في قرى دورا القرع وجفنا والنبي صالح قرب رام الله.
وتشمل منطقة عين سامية وهو النبع الأكبر في الضفة الغربية خمس آبار تتبع لمصلحة مياه القدس، ودأب المستوطنون على العبث بها وتخريبها، في وقت وقف فيه جيش الاحتلال متفرجاً، دون توفير حماية، ومكتفياً بالتهميش.
وفق وزير سلطة المياه الفلسطينية زياد الميمي، فإن إسرائيل تستعمل المياه كسلاح فعال في التضييق على الفلسطينيين، موضحاً: منذ اليوم الأول لحربه على غزة، عمد الجيش الإسرائيلي إلى قطع كل إمدادات المياه عن القطاع بأكمله، واليوم يمارس الأسلوب ذاته في الضفة الغربية.
وحسب مصلحة مياه القدس، فإن 18 قرية فلسطينية تعتمد بشكل كلي على نبع عين سامية في احتياجاتها للمياه، بينما تحصل 14 قرية أخرى على المياه من العين ذاتها بصورة جزئية.
ويقول رئيس مجلس إدارة مصلحة مياه القدس عيسى قسيس، إنه في اطار الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون، تم تخريب كاميرات حماية حول نبع عين سامية، وإلحاق الضرر بأجهزة الرقابة ومضخات السحب في الآبار، ما نتج عنه انقطاعات طويلة للمياه عن قرى عدة في منطقة رام الله.
ويشير قسيس إلى أن هجمات المستوطنين على آبار المياه في الضفة الغربية، أصبحت تمارس بشكل ممنهج، وبمباركة من الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي بات يهدد عدداً كبيراً من التجمعات السكانية الفلسطينية، وعشرات آلاف المواطنين، في الحصول على أبسط الحقوق ممثلا بالماء.
ويروي مواطنون أن بركة المياه التي استولى عليها المستوطنون في منطقة عين سامية، تعود لمواطنين من قرية كفر مالك، ولا يستطيعون الوصول إليها، بسبب تواجد المستوطنين الدائم حولها، وقد أطلقوا عليها اسم «نبع الرعاة» تخليداً لذكرى مستوطنين اثنين، كانا قتلا في محطة «عالي» للوقود شمال الضفة الغربية، في يوليو 2023.
ويضطر الأهالي في قرى شرق رام الله، لشراء المياه من مزودين محليين، وجلبها إلى منازلهم وأراضيهم الزراعية في صهاريج، بعد أن دانت عين سامية لسيطرة المستوطنين.
ولتمويل مخططاتهم بإحكام سيطرتهم على نبع عين سامية، فتح المستوطنون مشروعاً لتمويل عام لهذا الغرض، على منصة «جي بي تشات» وشرعوا بإقامة بؤرة استيطانية قرب النبع، وبعضهم أقام بسطات لبيع الطعام، الأمر الذي تكرر قرب المحمية الطبيعية القريبة من وادي العوجا في الأغوار، محط أطماعهم القادم.
ويزيد عمر نبع عين سامية عن 7000 عام، وهي معاصرة لمدينة أريحا الفلسطينية الأقدم في التاريخ، وتضم آثاراً تعود إلى العصور البرونزية والكنعانية والرومانية والإسلامية، وتحتل موقعاً استراتيجياً على السهول الشرقية لقرى مدينة رام الله، المقابلة للأردن، ما جعلها على رادار المستوطنين.
مساحة إعلانية