رئيس البرلمان الهنغاري لـ الشرق: قطر وسيط نزيه وشريك موثوق

❖ عواطف بن علي

■  لهذا السبب تفضل الكثير من الدول الوساطة القطرية

■ قطر شريك موثوق ومصدر رئيسي للطاقة في نظر هنغاريا

■ قطر وسيط نزيه يحظى بتقدير واسع في الساحة الدولية 

■ الدوحة تلعب دورًا مهما وبنَّاء في وساطتها بشأن أوكرانيا    

■ هناك توجه بيروقراطي أوروبي يخدم مصالح الكبار داخل الاتحاد  

■  السياسة القطرية تقوم على الشفافية والوضوح والاستقلالية

■ هنغاريا ترحب بالاستثمارات القطرية في مختلف القطاعات

■ ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 65 مليون دولار

■ مفاوضات لتوسيع التعاون في تطوير البنية التحتية بمطار بودابست

■ بحث 10 اتفاقيات جديدة لتعزيز التعاون الثنائي بين قطر وهنغاري

أكد سعادة الدكتور لاسلو كوفير، رئيس البرلمان في هنغاريا، على عمق العلاقات الودية والمتنامية بين جمهورية هنغاريا ودولة قطر، مشيرًا إلى أن هذه العلاقات شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وأشاد كوفير في حوار خاص لـ»الشرق» بالدور المميز الذي تلعبه قطر كوسيط نزيه في الأزمات الدولية، مؤكدًا أن الموقف القطري المستقل والثابت يجعلها شريكًا موثوقًا يحظى بتقدير واسع في الساحة الدولية، لا سيما من قبل هنغاريا.

وأضاف سعادته أن بلاده تنظر إلى قطر كشريك استراتيجي، خاصة في قطاع الطاقة الذي يمثل ركيزة أساسية في مسار التعاون الاقتصادي بين البلدين، معربًا عن تطلع بودابست إلى تعزيز هذا التعاون في مجالات النفط والغاز، إلى جانب مجالات واعدة أخرى تشمل الزراعة، والتعليم العالي، والتكنولوجيا، والصناعة الدفاعية. وأوضح الرئيس البرلمان الهنغاري أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 65 مليون دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة قدرها 12% عن العام السابق، مما يعكس مسارًا إيجابيًا في العلاقات الاقتصادية، مشيرا إلى مفاوضات تجري حاليا بين الجانبين لتوسيع التعاون، تشمل تطوير البنية التحتية لمطار بودابست وبحث نحو 10 اتفاقيات جديدة في مجالات متنوعة، على أن تُناقش في جلسة اللجنة الاقتصادية المشتركة نهاية العام، تعزيزًا للشراكة بين البلدين.

◄  ما أهمية زيارتكم الحالية إلى الدوحة، وما أبرز أهدافها؟ هل تحمل هذه الزيارة طابعاً برلمانياً بحتاً، أم تتضمن أيضاً أبعاداً سياسية واقتصادية؟ 

  هي زيارة برلمانية تلبيةً لدعوة من سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، تم عقد عدد من اللقاءات التعارفية، حيث جرى خلالها مناقشة العديد من المسائل والقضايا المشتركة، وكذلك بحث إمكانية التعاون في عدد من المجالات. كما قامت مجموعة الصداقة الأوروبية في مجلس الشورى القطري بزيارة إلى بودابست في شهر أبريل الماضي، وقد التقيت بهم شخصيًا. وتأتي هذه الزيارة الحالية تأكيدًا على أهمية تطوير العلاقات بين حكومتي البلدين. ونحن كبرلمانيين من واجبنا دعم هذا التعاون عبر الوسائل الدبلوماسية المتاحة.

◄ زرت الدوحة منذ عشر سنوات كيف وجدتها اليوم؟

 هناك العديد من الأمور التي تلفت انتباه الإنسان عندما يزور الدوحة بعد هذه الفترة الطويلة. فقد تطورت المدينة كثيرًا وأصبحت أكبر وأضخم مما كانت عليه في السابق. ولكن، لا نركز فقط على الحجم والتوسع، بل يلحظ أيضًا الجمال الراقي الذي يضيء هذا التطور. هناك بُعد جميل ورفيع يُضفي على المدينة رونقًا خاصًا. ومن أبرز ما يُحيي المدينة ويزيد من قيمتها هو وجود أشخاص يعرفون التاريخ والواقع بشكل أعمق، زرت المتحف الوطني وهو جميل للغاية، ليس فقط من حيث العمارة والحجم، بل من حيث المفهوم والمعنى الذي يحمله.

    • تعزيز العلاقات 

◄ كيف تقيم مستوى العلاقات السياسية بين هنغاريا وقطر؟ 

 لقد وصلت حكومتنا إلى سدة الحكم مجددًا بعد عدة دورات متتالية للحكومات السابقة في المجر. وعندما تسلمنا السلطة في عام 2010، أعلنّا سياسة استراتيجية جديدة «سياسة الانفتاح نحو الشرق»، حيث تلعب قطر دورًا استراتيجيًا ورياديًا فيها. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا ضمن إطار هذه السياسة. وقد زار رئيس الوزراء المجري قطر في مايو 2023، وقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة إلى المجر في أغسطس 2023، حيث تم الاتفاق على الشراكة الاستراتيجية. كما قام معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بزيارة إلى المجر في نوفمبر 2024.

    • أهمية الوساطة 

◄ كيف تنظر هنغاريا إلى الدور القطري في المنطقة، خصوصًا في الوساطة الدبلوماسية؟ 

 السياسة الصريحة التي تمارسها دولة قطر تقوم على الشفافية والوضوح، فهي دولة تتخذ مواقفها بناءً على فهم عميق للمسائل، ولا تكون بوقًا لأجندات الآخرين. هذه السياسة الثابتة والواضحة هي التي تجعلها ناجحة في دورها الإقليمي والدولي، وهو الدور الذي تلعبه قطر بحكمة، وتقدره المجر كثيرًا.

من المعروف أن دولة قطر تحظى بثقة كبيرة كوسيط نزيه في حل النزاعات بين الدول، إذ لا تنفذ أجندات خارجية ولا تتبع سياسات خارجية غير مستقلة. هذا الموقف الواضح والثابت يعكس قناعة راسخة، ولهذا السبب تفضل الدول قطر كوسيط لها.

ومن المهم جدًا التأكيد على أن حل أي نزاع لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة مباشرة من الأطراف المعنية بالنزاع، سواء كانت دولتين أو أكثر. هذا هو العامل الأساسي الأول.

أما العامل الثاني فهو البيئة الدولية المحيطة، التي تلعب دورًا كبيرًا في خلق الظروف المناسبة للوساطة الناجحة. لذلك، يجب على الوسيط أن يعمل على تحقيق توازن في هذه المرحلة، ليكون دوره فعالًا ومؤثرًا.

إذا تحدثنا وساطة الحرب في غزة، فما موقف المجر من حرب الإبادة في غزة؟ وهل لها أدوار إنسانية أو وساطة في هذه الأزمة؟

نحن نفوذنا ضئيل جدًا في هذه الحرب، وما يحدث مؤلم جدًا ويجب أن تنتهي هذه الأزمة المستمرة منذ أكثر من سبعين عامًا، ويجب إيجاد حل لها، لأنها تؤثر على مناطق كثيرة في العالم. ولا يمكن تحقيق أي سلام أو حل أي نزاع دون أن يجلس الأطراف المعنيون بالنزاع على طاولة واحدة، ويتبادلوا الآراء بصراحة وصدق.

◄ نعلم أن هنغاريا تتأثر مباشرة بالحرب في أوكرانيا، فكيف تقيّمون الجهود الخليجية وعلى رأسها الوساطة القطرية في الدفع نحو وقف الحرب؟ 

 نحن نرحب بجميع محاولات الوساطة التي تبذلها كل من قطر وتركيا والسعودية، ونرى أنها تلعب دورًا مهمًا وبنّاءً. نعتقد أن هذه المبادرات تُشكّل نقطة انطلاق ممتازة لحل هذه الأزمة، وتسهم في التخفيف من حدّتها. أما بالنسبة للمجر، فإن تأثير الحرب عليها مباشر. يوجد مجتمع مجري يقارب عدد أفراده 150 ألف نسمة يعيشون في غرب أوكرانيا للأسف، أصبحوا مضطرين للمشاركة في هذه الحرب.

اندلاع هذه الحرب أثّر بشكل سلبي على مسار التنمية والنمو الاقتصادي في المجر، حيث توقفت العديد من المشاريع وتباطأت عجلة الاقتصاد نتيجة لهذا الصراع.

من ناحية أخرى، نلاحظ أن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع هذه الحرب كذريعة لفصل الدول الأعضاء عن الموارد الطبيعية الروسية. نحن في المجر كانت لنا علاقات اقتصادية وثيقة جدًا مع مصادر الطاقة الروسية. أهم التداعيات التي نواجهها نتيجة هذه الحرب هي التداعيات الأمنية الخطيرة، الناتجة عن التصرفات غير المسؤولة من قبل كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا، والتي تُهدد أمننا الوطني بشكل مباشر.

◄ وصفت سياسة الاتحاد الأوروبي بغير المسؤولة ما أوجه خلافكم مع هذه السياسة؟ 

 أهم ما في الاتحاد الأوروبي، من وجهة نظرنا، هو الوصول إلى السوق المشتركة دون قيود، وهو أمر حيوي بالنسبة للمجر، حيث يتم تصدير حوالي 80% من الناتج القومي المحلي، وتذهب النسبة نفسها تقريبًا إلى السوق الأوروبية. وليس لدينا أي مشكلة مع هذا الواقع، لو أن الاتحاد الأوروبي التزم بالأهداف التي أُسس من أجلها. فلو بقي التركيز على التعاون الاقتصادي والانفتاح، لما ظهرت الخلافات الحالية، لكن المشكلة تكمن في أن الاتحاد الأوروبي بدأ يعمل بشكل يتجاوز طبيعته الأصلية، متجهًا نحو بناء ما يشبه «إمبراطورية أوروبية» تُدار من المركز عبر بيروقراطية معقدة، بدأت بممارسة سلطات فعلية على الدول الأعضاء، وهو ما يصب في مصلحة الدول الكبرى داخل الاتحاد، على حساب الدول الأصغر.

    • التعاون الاقتصادي والاستثماري

◄ ما القطاعات التي ترى هنغاريا أن هناك إمكانات كبيرة للتعاون فيها مع قطر؟

 نرى أن هناك إمكانات كبيرة لتطوير التعاون مع دولة قطر، ونتطلع بشكل خاص إلى إقامة شراكة طويلة الأمد في قطاع الطاقة، لا سيما في مجالي الغاز والنفط. نعتبر قطر شريكًا موثوقًا ومصدرًا مهمًا لاستيراد الطاقة، ونرى أن هذا القطاع قد يكون من أهم عناصر التبادل التجاري بين البلدين في المستقبل.

وبالحديث عن مجالات التعاون الأخرى، فإننا نؤمن بأنه لا يوجد مجال يمكن استبعاده من فرص التعاون. فإلى جانب الطاقة، هناك إمكانيات كبيرة في مجالات الزراعة، التعليم العالي، والتدريب المهني، والتكنولوجيا، والصناعة الدفاعية. نحن نرى أن مساهمة الجانب القطري – سواء من خلال القطاع العام أو الخاص – ستكون قيمة جدًا.

◄  ما حجم التبادل التجاري بين هنغاريا وقطر وما أهم مجالات تطور؟

 بلغ إجمالي حجم التجارة بين هنغاريا ودولة قطر في عام 2024 نحو 65 مليون دولار أمريكي، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 12% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس تطورًا إيجابيًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. كما تلعب قطر دورًا مهمًا في مجال الاستثمارات، ومن أبرز الأمثلة على ذلك مشاركتها في شراء مطار بودابست من خلال شركة فرنسية، وهو استثمار استراتيجي يُعزز الحضور القطري في البنية التحتية الأوروبية.

في الوقت الحالي، تُجرى مفاوضات لتوسيع هذا التعاون، حيث نبحث عن مساهمة قطرية إضافية في تطوير البنية التحتية في هنغاريا، وهو مجال نراه واعدًا وذا منفعة متبادلة للطرفين.

◄ بما انك رئيس برلمان هل هناك منظومة تشريعية تساعد وتشجع الاستثمار في بلادكم؟ 

 بصفتي رئيسًا للبرلمان، أؤكد أن هناك منظومة تشريعية متكاملة في بلادنا تهدف إلى دعم وتشجيع الاستثمار. ضريبة الشركات في المجر هي الأدنى مقارنة بجميع الدول الأوروبية، وهذا عامل مهم وأساسي لجذب المستثمرين. ولا شك أن البرلمان يلعب دورًا أساسيًا في صياغة هذه السياسات، فالحكومة وحدها لا يمكنها تحقيق التقدم الاقتصادي دون دعم تشريعي فعّال. نحن نؤمن أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تساعد على تعزيز الاستثمارات وتطوير الاقتصاد:

أولًا: نظام ضريبي مرن ومحفّز. ثانيًا: بنية تحتية حديثة ومتكاملة. ثالثًا: قوة عاملة ذات كفاءة عالية ومعرفة تقنية ومهنية متقدمة. هذه العوامل مجتمعة تخلق مناخًا استثماريًا واعدًا وتدعم جهود التنمية في مختلف القطاعات.

◄ هل هناك اتفاقيات بين قطر والمجر أو مشاريع مستقبلية؟

 هناك 10اتفاقيات قيد المناقشة حاليًا بين جمهورية هنغاريا ودولة قطر، وتشمل مجالات متنوعة ومهمة مثل حماية الاستثمار، الثقافة، التعاون الدفاعي، الصحة، الشباب والرياضة. ومن المنتظر أن تُعقد جلسة اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في نهاية العام، حيث سيتم مناقشة هذه الاتفاقيات إلى جانب عدد من المشاريع المشتركة التي تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في مختلف القطاعات.