منوعة

في ذاكرة الأغنية السعودية: سامي إحسان.. صانع النجوم

في ذاكرة الأغنية السعودية، يبرز اسم سامي إحسان كأحد أكثر الأسماء حضوراً وتأثيراً، ذلك الفنان الذي تحوّل في نظر الكثيرين إلى صانع النجوم وعرّاب المواهب التي صنعت هوية اللحن السعودي الحديث. لم يكن مجرد ملحنٍ عابر، بل مدرسة فنية متكاملة، مزج بين الأصالة والتجريب، وفتح الطريق أمام أجيال من الأصوات التي غدت لاحقاً رموزاً للطرب الخليجي والعربي.

ولد إحسان في جدة، وبدأ مسيرته في سبعينات القرن الماضي بشغف واضح لإعادة صياغة اللحن السعودي، فكان من أوائل من أدخلوا التنويع المقامي والتوزيع الغربي المتقن إلى الأغنية المحلية. مع الوقت، أصبح اسمه مرتبطاً بكبار الفنانين، إذ لحّن للفنان طلال مداح مجموعة من أبرز أغانيه الخالدة مثل «مرت»، «جمعتنا الظروف»، «ودعيني يا حبيبة»، و«الشوفة معزوزة»، وهي أعمال ما زالت تُستعاد كعلاماتٍ فارقة في ذاكرة الطرب السعودي لما حملته من صدقٍ شعوري وجمالٍ موسيقي متقن.

كما ارتبط تعاونه مع الفنان محمد عبده بمرحلة نضوجٍ فني عالية، حيث قدّم له ألحاناً لا تُنسى، مثل: «إنت محبوبي»، «مالي ومال الناس»، «مع التقدير»، و«يعتادني». في تلك الأعمال، أظهر إحسان قدرة نادرة على قراءة الصوت وتطويعه لخدمة النص، لتخرج ألحانه كأنها امتداد طبيعي لعبارة لم تُكتب بعد، تجمع بين الرهافة والقوة، وبين الانسيابية والضبط الموسيقي الدقيق.

لم يكتفِ سامي إحسان بالتلحين للكبار، بل كان له الفضل في تقديم جيلٍ جديدٍ من الفنانين إلى الساحة، أبرزهم عبدالمجيد عبدالله الذي قدّمه من خلال أغنية «سيد أهلي»، والفنان علي عبدالكريم في بداياته بعددٍ من الألحان التي رسخت اسمه، وصولاً إلى آخر من تبنّاهم فنياً وهو عباس إبراهيم في أغنيته الشهيرة «ريحة الورد»، التي حملت توقيعه ولحنه المليء بالشجن والدفء.

برحيل سامي إحسان عام 2012، فقدت الساحة الموسيقية السعودية أحد أهم روادها الذين شكّلوا ملامح الأغنية الحديثة، صوتاً ولحناً وأسلوباً. فقد كان فناناً يرى في كل صوتٍ جديدٍ فرصة لاكتشاف قصة مختلفة، وفي كل لحنٍ ناجحٍ مسؤولية تجاه المستقبل، ليبقى اسمه علامةً فارقة في سجل الفن السعودي، وذاكرةً لا تغيب عن وجدان الطرب العربي.

أخبار ذات صلة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى