أخبار العرب والعالم

زخم الاعترافات الدولية بقيام الدولة الفلسطينية يشكل ضغطا قويا على دولة الاحتلال ويغلب خيار حل الدولتين

عربي ودولي

38

23 سبتمبر 2025 , 02:19م

alsharq

علم فلسطين

الدوحة – قنا

في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الإسرائيلي عملياته البرية الواسعة في قطاع غزة، متحديا الإرادة الدولية، يزداد الضغط العالمي عليه داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف الحرب وإنقاذ آلاف الأرواح.


ويأتي الضغط على إسرائيل هذه المرة من قبل ما يعتقد أنهم حلفاء سابقون لإسرائيل، فقد أعلنت فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وأندورا الاعتراف رسميا بدولة فلسطين، بعد يوم واحد من اعتراف مماثل صدر عن بريطانيا وأستراليا والبرتغال وكندا.


وفي السياق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين في كلمة له خلال افتتاح أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، إنه لم يعد بوسعنا الانتظار للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأضاف نتحمل مسؤولية جماعية لفشلنا حتى الآن في بناء سلام عادل في الشرق الأوسط، وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن وعد إقامة دولة عربية في فلسطين لم يتحقق بعد، وعلينا واجب رسم طريق السلام في الشرق الأوسط وفعل كل ما بوسعنا للحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين.


وانضمت فرنسا ومعها الدول الأوروبية الأخرى إلى أكثر من 140 دولة أخرى تدعم أيضا تطلع الفلسطينيين إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة في خطوة رمزية إلى الحد البعيد، ومن المتوقع أن تكرر العديد من الدول الأخرى الخطوة ذاتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في نيويورك خلال هذا الأسبوع في إطار اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الآمال الفلسطينية والعربية والعالمية الحرة ترجو أن يكون الاعتراف من الناحية الفعلية والعملية أمرا قابلا للتنفيذ.


    إلى ذلك دعا البيان المشترك لرئاسة المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن القضية الفلسطينية، والذي أصدرته المملكة العربية السعودية وفرنسا، بصفتهما رئيسي المؤتمر، لتسوية قضية فلسطين بالسبل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، إلى وقف دائم لإطلاق النار بقطاع غزة، وثمن بيان المؤتمر جهود الدول التي اجتمعت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس الإثنين، في لحظة تاريخية حاسمة للسلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.


وتضمن بيان المؤتمر الدولي رفيع المستوى الإعلان عن “اعتماد إعلان نيويورك” الذي صدر في يوليو الماضي، والذي حظي بتأييد استثنائي من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 142 صوتا، ويعبر هذا الإعلان بحسب البيان عن الالتزام الدولي الثابت بحل الدولتين، كما يرسم مسارا لا رجعة فيه لبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين ولشعوب المنطقة كافة”.


وفي السياق، دعا البيان إسرائيل إلى اغتنام هذه الفرصة للسلام، وإعلان التزام واضح بحل الدولتين، ووقف أعمال العنف والتحريض ضد الفلسطينيين، ووقف الاستيطان ومصادرة الأراضي وأعمال الضم للأراضي الفلسطينية المحتلة، ووضع حد لعنف المستوطنين، كما حثها كخطوة أولى على سحب مشروع E1 والتخلي علنا عن أي مشروع للضم، مؤكدا أن أي شكل من أشكال الضم خط أحمر للمجتمع الدولي، يترتب عليه عواقب جسيمة ويشكل تهديدا مباشرا للاتفاقات القائمة والمستقبلية للسلام.


وأكد البيان أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق سلام عادل ودائم استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، هو السبيل الوحيد لتحقيق الاندماج الإقليمي، كما جدد الدعوة لجميع الدول للانضمام إلى هذا الزخم الدولي من أجل ضمان السلام والأمن لجميع شعوب الشرق الأوسط، وتحقيق الاعتراف المتبادل والاندماج الإقليمي الكامل.


ولفت إلى أهمية توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت مظلة السلطة الفلسطينية، مبينا أن هذا المؤتمر والاعتراف المتزايد بدولة فلسطين يهدفان إلى تجسيد دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية وقابلة للحياة اقتصاديا، تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل.


وفي ذات الاتجاه، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على منصة إكس “إن إعلان المملكة المتحدة اعترافها بدولة فلسطينية، يأتي من أجل إحياء أمل السلام للفلسطينيين والإسرائيليين وتحقيق حل الدولتين”، وأضاف ستارمر، زادت حدة الأزمة الإنسانية التي هي من صنع الإنسان في غزة، فقصف الحكومة الإسرائيلية المستمر والمتزايد على غزة بلا هوادة والهجوم في الأسابيع القليلة الماضية والتجويع والدمار بات غير محتمل على الإطلاق.


وكان ديفيد لامي نائب رئيس الوزراء البريطاني قال في وقت سابق لخطوة الاعتراف إن قرار بريطانيا الاعتراف بدولة فلسطينية لا يعني قيام هذه الدولة على الفور، مؤكدا أن الاعتراف يجب أن يكون جزءا من عملية سلام أوسع، وذكر لامي “أن خطوة الاعتراف تنبع من رغبتنا في الحفاظ على فرص حل الدولتين”.


  من جهته، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لدى إعلان قرار بلاده إن القرار يعزز جهود الساعين للتعايش السلمي، وأضاف الاعتراف بدولة فلسطين يعزز جهود الساعين للتعايش السلمي، بينما قال وزير خارجية البرتغال باولو رانجيل في المقر الدائم لبعثة البرتغال لدى الأمم المتحدة في نيويورك “إن الاعتراف بدولة فلسطين تحقيق لنهج أساسي وثابت في السياسة الخارجية البرتغالية”، وأضاف أن البرتغال تؤيد حل الدولتين باعتباره المسار الوحيد إلى سلام عادل ودائم، ووقف إطلاق النار أمر ملح.


    وكانت الخارجية القطرية قد أصدرت بيانا، أعلنت من خلاله ترحيب دولة قطر بإعلان المملكة المتحدة وكندا وأستراليا وجمهورية البرتغال، اعترافها رسميا بدولة فلسطين الشقيقة، وأشار البيان إلى أن هذه الاعترافات تعد انتصارا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.  


وأكدت وزارة الخارجية القطرية، أن هذه الاعترافات تنسجم مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة و”إعلان نيويورك” بشأن تنفيذ حل الدولتين، وتساهم في تعزيز فرص تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، كما جددت الوزارة موقف دولة قطر الثابت والدائم في دعم القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني الشقيق، المستند إلى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحث البيان جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى اتخاذ خطوات مماثلة تعكس الالتزام بالقانون الدولي.


    وفي ذات السياق، فإن الحكومات الغربية تتعرض لضغوط وموجة غضب عارم من الرأي العام الداخلي لشعوب هذه البلدان، ومن الأحزاب السياسية والقوى المدنية، جراء الانتهاكات المتزايدة والمستمرة التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة مع ارتفاع عدد الشهداء إلى أعداد مهولة تفوق 65 ألفا من الشهداء، معظمهم من المدنيين وفق أرقام وزارة الصحة بالقطاع، وقد أقضت صور الأطفال وهم يتضورون جوعا في غزة مضجع الضمير العالمي الحي.


ووفقا للمعلومات، فقد باشرت إسرائيل الأسبوع الماضي هجوما بريا وجويا مكثفا للسيطرة على مدينة غزة بشمال القطاع متوعدة باستخدام قوة “غير مسبوقة”، فيما فر نحو نصف مليون شخص من المدينة التي تعتبر الأكبر في القطاع وأكثر اكتظاظا بالسكان، وكانت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من قبل الأمم المتحدة اتهمت إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة الذي يشهد أزمة إنسانية خطيرة، حيث أعلنت الأمم المتحدة عن انتشار المجاعة.


      وبحسب المراقبين والمهتمين بالقضية الفلسطينية، فإن الاعتراف ليس غاية في حد ذاته، بل هو بداية وخطوة تأسيسية أولى للتأكد من أن المواقف المتخذة تمضي في اتجاه إعادة الحق الفلسطيني على كامل أرضه وقيام دولته المستقلة وتصحيح الظلم التاريخي الواقع عليه منذ النكبة.

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى