أخبار العرب والعالم

سفير فرنسا المرشح لدى قطر: الاعتراف بدولة فلسطين يمثل واجباً أخلاقياً وسياسياً

عربي ودولي

38

مع موجة من الاعترافات الدولية لإحياء حل الدولتين..

22 سبتمبر 2025 , 06:59ص

alsharq

أرنو بيشو، سفير فرنسا المرشح لدى دولة قطر

❖ عواطف بن علي

– أستراليا وكندا والمملكة المتحدة تعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية


ينعقد اليوم في مقر الأمم المتحدة مؤتمر «حل الدولتين» على مستوى القمة، وسط ترقب دولي واسع، وآمال كبيرة يعلقها الفلسطينيون والمجتمع الدولي على هذه المبادرة التي تقودها المملكة العربية السعودية وفرنسا. ويأتي هذا المؤتمر بعد سلسلة من التطورات الدبلوماسية اللافتة، تمثّلت في موجة اعترافات تاريخية من عدد من الدول الغربية بدولة فلسطين، ما أعاد الزخم السياسي إلى القضية الفلسطينية، التي طالما عانت من الجمود والتهميش.


وتبدو هذه اللحظة مفصلية في تاريخ الصراع، إذ تتقاطع فيها الإرادة الدولية المتنامية لإحياء المسار السياسي، مع الضغوط المتزايدة لإنهاء الاحتلال ووقف جرائم الحرب، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية. وبينما يتعزز الحراك الدولي لصالح تطبيق حل الدولتين. 


أكّد سعادة السيد أرنو بيشو، سفير فرنسا المرشح لدى دولة قطر، أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال بيشو في تصريحات صحفية إن فرنسا، تماشياً مع تقاليدها الدبلوماسية في المنطقة والتزامها الدائم بالشرعية الدولية، ترى أن الاعتراف بدولة فلسطين يمثل واجبًا أخلاقيًا وسياسيًا، خاصة في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تصعيد عسكري، وواقع مفروض على الأرض يهدد فرص تحقيق حل الدولتين. وأوضح السفير الفرنسي أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود أوسع لإعادة فتح الأفق الدبلوماسي بمشاركة الشركاء الإقليميين والدوليين، وعلى رأسهم دولة قطر، التي وصفها بـ «الشريك الرئيسي» لفرنسا في جهود الوساطة وإحياء المسار السياسي المتعثر. وفي بيان رسمي أصدرته السفارة الفرنسية في الدوحة، أكدت أن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين يهدف إلى دعم المساعي الرامية لإحياء حل الدولتين، باعتباره الإطار السياسي الوحيد القادر على تحقيق السلام العادل والدائم، وتلبية التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش بأمن وسلام. وأشار البيان إلى أن هذا الموقف الفرنسي ينسجم مع المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية للجمهورية الفرنسية، واحترامها لحق الشعوب في تقرير مصيرها كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة.


– تزايد الاعترافات الدولية 


تزامن الإعلان الفرنسي مع موجة من الاعترافات الدولية المتلاحقة بدولة فلسطين، حيث أعلنت كل من أستراليا، وكندا، والمملكة المتحدة رسميًا اعترافها بالدولة الفلسطينية، في إطار الجهود العالمية لإحياء حل الدولتين وتحقيق تسوية سياسية عادلة للصراع. وبهذا، يرتفع عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 159 دولة من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة. وقال بيان من السفارة البريطانية في الدوحة: أعلنت المملكة المتحدة، في خطوة تاريخية، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، وأكدت الحكومة البريطانية أن هذا القرار يستند إلى الحق الراسخ للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويعكس التزام المملكة المتحدة بحل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل جنبًا إلى جنب مع دولة فلسطينية ذات سيادة، بقيادة سلطة فلسطينية مُصلحة.


وقالت وزيرة الخارجية إيفيت كوبر إن الاعتراف يمثل خطوة مهمة للحفاظ على فرص حل الدولتين، ويجب أن يكون بداية لجهد دبلوماسي واسع لإنهاء الحرب في غزة، وتأمين المساعدات، وتحقيق وقف إطلاق نار دائم. وأشارت الحكومة البريطانية إلى أنها ستبدأ خطوات تدريجية لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع فلسطين، وصولًا إلى تبادل السفراء. كما أكدت استمرار دعمها الفني والمالي للسلطة الفلسطينية لتنفيذ إصلاحات داخلية. فيما صرح رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز أن اعتراف بلاده بفلسطين يأتي «في إطار جهد دولي لإحياء زخم حل الدولتين، يبدأ بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن»، بينما أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن المملكة المتحدة تعترف رسميًا بدولة فلسطين «لإحياء أمل السلام»، مشددًا على أن «الأمل في حل الدولتين يتلاشى، لكن لا يمكننا أن ندع هذا النور ينطفئ». وكان ستارمر قد تعهّد في يوليو الماضي بأن بلاده ستُقدم على هذه الخطوة إذا لم تُظهر إسرائيل التزامًا حقيقيًا بوقف إطلاق النار وفتح المسار السياسي مجددًا.


فيما أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده تعترف الآن بدولة فلسطينية. وقال كارني في بيان «تعترف كندا بدولة فلسطين وتعرض شراكتها في بناء مستقبل سلمي واعد لكل من دولة فلسطين ودولة إسرائيل». وقال كارني «الاعتراف بدولة فلسطين، بقيادة السلطة الفلسطينية، يعزز جهود الساعين للتعايش السلمي». 


– ترحيب فلسطيني 


من جهتها، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، بقرارات كل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، الاعتراف بدولة فلسطين، ووصفتها بأنها «قرارات شجاعة تنسجم مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتنطلق من حرص تلك الدول على إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام بما يضمن الأمن والاستقرار والازدهار للمنطقة والعالم».


وأعربت الوزارة، في بيان، عن شكرها لتلك الدول، مؤكدة استعداد دولة فلسطين وحكومتها للشروع في بناء «أمتن وأصدق العلاقات معها على المستويات كافة»، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل اعترافا بالحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني، وتسهم في حماية حل الدولتين من المخاطر الناجمة عن استمرار جرائم الاحتلال من إبادة وتجويع وتهجير وضم.


وأشارت إلى أن الاعترافات تمنح زخما إضافيا للجهود الإقليمية والدولية بقيادة السعودية وفرنسا من أجل تطبيق «إعلان نيويورك» وتحقيق وقف فوري للحرب وحل الصراع بالطرق السياسية التفاوضية، وإعادة الاعتبار للقانون الدولي والشرعية الدولية في صناعة السلام بدلا من «عنجهية القوة». وطالبت الخارجية الفلسطينية، في بيانها، الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إلى المبادرة للاعتراف والانحياز إلى القانون الدولي والرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، والوقوف في «الجانب الصحيح من التاريخ» بما يكفل رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقه في تقرير المصير أسوة ببقية شعوب العالم.


وشددت على أن الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني بجميع أشكالها ومظاهرها يشكل «المدخل الصحيح لتحقيق التهدئة وبناء الثقة واستعادة الأفق السياسي لحل الصراع».


– إعلان نيويورك 


التحركات الدولية للاعتراف بفلسطين تزامنت أيضًا مع تطورات مهمة على مستوى الأمم المتحدة، حيث عُقد مؤتمر دولي رفيع المستوى بين 28 و30 يوليو الماضي في نيويورك، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا، لدعم الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وتنشيط المسار السياسي نحو حل الدولتين، وذلك وسط حضور فلسطيني واسع وغياب أمريكي لافت.


وفي 12 سبتمبر الجاري، صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على «إعلان نيويورك»، الذي قدمته فرنسا والسعودية، بهدف تعزيز الحل السلمي للقضية الفلسطينية عبر تنفيذ حل الدولتين. وقد نال الإعلان تأييد 142 دولة، مقابل معارضة 10 دول، وامتناع 12 دولة عن التصويت، في مؤشر واضح على اتساع رقعة الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.


ويبدو أن الاعتراف الدولي المتصاعد بدولة فلسطين يشكل نقطة تحول فعلية في ميزان الخطاب العالمي، وليس مجرد إجراء رمزي. فمع كل اعتراف جديد، تضعف حجة الاحتلال وتتزايد الضغوط من أجل إنهاء الصراع عبر حلول سياسية عادلة.

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى