أخبار العرب والعالم

الاحتلال يخشى «الجزيرة» ويسعى لإسكات صوتها

عربي ودولي

32

حزن مهيب في فلسطين يرسم شجاعة أنس الشريف ورفاقه..

12 أغسطس 2025 , 07:00ص

alsharq

شهيد الحقيقة أنس الشريف في قلب التغطية

❖ غزة – محمـد الرنتيسي

في خضم العدوان الدموي الغاشم على قطاع غزة، برز اسم الزميل الصحفي أنس الشريف، المراسل الشجاع لشبكة الجزيرة، الذي شكل بمفرده خارطة طريق إنسانية، فلم ينحنِ لهدير الطائرات وأزيز الدبابات وأصوات المدافع، التي حصدت أرواح ما يزيد على 60 ألفاً من الشهداء، بينهم والده وكوكبة من أفراد عائلته وزملائه.


لم يستكن أنس الشريف أو يتراجع عن نقل الحقيقة، أمام كل التهديدات التي تعرض لها، في مؤشر واضح على جسارة الصحفي الفلسطيني عموماً، وقوة وصلابة الشريف الذي كدأبه في كل مرة، يقاوم حزنه العميق، على فقدان زميل أو صديق، ويعود سريعاً لإطلالته، لينقل الحقيقة كما هي، لايمانه بأنه يحمل قضية شعب ووطن سليب، يواصل رافعاً راية كفاحه علو السماء، شامخاً شموخ الجبال الرواسي.


واستناداً إلى العديد من زملائه، فقد ترك الشريف بحيويته ورشاقته في نقل المعلومة، آثاراً طيبة من الصعب نسيانها من الذاكرة الفلسطينية، فيما رسم حزن الشعب الفلسطيني المهيب وغير المسبوق على رحيله، شهادة براعة وامتياز للصحفي الشاب، الذي طالما بذل من جهده وعرقه وتفكيره الشيء الكثير، من أجل نقل صوت ورسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم، حتى في أشد الظروف سوداوية.


لقد غالبت دموع الـمشيعين عيون أصحابها، وقفزت العبرات من مآقيها، واتشحت المنصات الرقمية بالسواد الفاحم، حزناً وفزعاً وجزعاً، على فراق أنس الشريف، الذي نقل رسالة الشعب الفلسطيني بصوت هادر ومسموع، وأماط اللثام عن وجه الاحتلال البائس، والموغل في دماء الفلسطينيين، ما جعله مستهدفاً من قبل آلة الاحتلال الإجرامية.



وباستشهاد أنس الشريف، وخمسة صحفيين ومصورين آخرين، هم: محمـد قريقع، إبراهيم ظاهر، محمـد نوفل، مؤمن عليوة، ومحمـد الخالدي، برزت في قطاع غزة، أسئلة من قبيل: هل يريد كيان الاحتلال تمهيد المسرح لمجازر أكثر دموية في قطاع غزة بعيداً عن الأعين؟.. وهل باتت غزة على موعد مع جرائم قتل وتجويع وتهجير جديدة؟.


ومنذ إعلان الكيان الإسرائيلي عن خطته لاجتياح شامل لأحياء وسط وشمال قطاع غزة، وترحيل السكان جنوباً نحو رفح، يعيش ما يزيد على مليون فلسطيني، حالة من الترقب المشوب بالقلق، من جعل غزة رفح ثانية، وجاء استهداف الصحفيين، وعلى رأسهم مراسلو ومصوري «الجزيرة» ليعزز المخاوف من مجازر دموية في ظل تعتيم إعلامي.


وفق الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد، فما حدث من استهداف للصحفيين، ليس تطوراً في مجريات الحرب، ولم يكن جديداً عليها، وإنما هو نهج يتم تنفيذه كلما أراد كيان الاحتلال تصعيد الموقف في قطاع غزة، موضحاً «اغتيال الصحفيين الستة في خيمتهم، يؤشر بوضوح على قرب ارتكاب مجازر إسرائيلية دامية، ولا يراد للعالم أن يراها أو يسمع بها».


وتابع: «هي خطوة استباقية، تتزامن مع تهديدات إسرائيلية بتوسيع رقعة القتل والتهجير في وسط وشمال قطاع غزة، ورغم أن العملية العسكرية الإسرائيلية لم تبدأ بعد، إلا أن الكيان بدأ فعلياً التمهيد لها، باستهداف طاقم الجزيرة».


والمخاوف التي تساور غالبية المواطنين في قطاع غزة، بأن يكون استهداف الصحفيين مقدمة لتوسيع دائرة النار بالفعل، والاستمرار في منع دخول المساعدات الإنسانية، وكذلك تنفيذ مخططات تهجير المواطنين عن منازلهم وأحيائهم.


ولا يرى كيان الاحتلال في إعلاميي الجزيرة في فلسطين بأنهم مجرد صحفيين، بل وفلسطينيين كذلك، ويجب قتلهم، وهذا ما تجلى في غزة والضفة الغربية، باستشهاد أكثر من 10 صحفيين من طاقم الجزيرة، بدءاً من شيرين أبو عاقلة، وليس انتهاء بأنس الشريف، ما يؤشر وفق إعلاميين فلسطينيين، على أن قادة الاحتلال يخشون الجزيرة، ويريدون إسكات صوتها، لكن عبثاً. 


كان أنس الشريف نجا من القصف في خضم الحرب، واستشهد والده وأفراد من عائلته تحت ركام منزله، بينما نجا محمـد قريقع واستشهدت والدته مع آخرين من أقاربه، واليوم يلتئم الشمل بالقتل، إذ تأجل استشهادهما لعدة أشهر، وعاد الموت نفسه ليطبق على ما تبقى من حياة، وجاء الصاروخ الأخير كي يسدل الستار على حياة مهنية لأنس الشريف ورفاقه، كانت محفوفة بـ»المتاعب»، وكأن القدر أبى إلا أن يكمل تلك الحكاية الأليمة، التي ارتسمت على رمال غزة، في خضم حرب الاقتلاع والتطهير.

مساحة إعلانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى